فصل: قال ابن الجوزي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري:

قوله جلّ ذكره: {شَهِدَ اللهَ أنه لا إله إلا هو}.
أي عَلِمَ اللهُ وأخبر اللهُ وحَكَمَ اللهُ بأنه لا إله إلا هو، فهو شهادة الحق للحق بأنه الحق، وأوَّلُ مَنْ شهد بأنه اللهُ- اللهُ، فشهد في آزاله بقوله وكلامه وخطابه الأزلي، وأخبر عن وجوده الأحدي، وكونه الصمدي، وعونه القيومي، وذاته الديمومي، وجلاله السرمدي، وجماله الأبدي. فقال: {شَهِدَ اللهُ} ثم في آباده، {شهد الله} أي بيَّنَ اللهُ بما نَصَبَ من البراهين، وأثبت من دلائل اليقين، وأوضح من الآيات، وأبدى من البينات. فكلُّ جزءٍ من جميع ما خلق وفطر، ومن كتم العدم أظهر، وعلى ما شاء من الصفة الذاتية حصل، من أعيان مستقلة، وآثار في (ثاني) وجودها مضمحلة، وذوات للملاقاة قابلة، وصفات في المَحَالِّ متعاقبة- فهو لوجوده مُفْصِح، ولربوبيته موضَّح، وعلى قِدَمِه شاهد، وللعقول مُخْبِر بأنه واحد، عزيز ماجد، شهد سبحانه بجلال قَدْره، وكمال عزه، حين لا جحد ولا جهود ولا عرفان لمخلوق ولا عقل، ولا وفاق، ولا كفر، ولا حدثان، ولا غير، ولا إلحاد، ولا شِرْك، ولا فهم ولا فكر، ولا سماء ولا فضاء، ولا ظلام ولا ضياء، ولا وصول للمزدوجات، ولا فضول باختلاف الآفات.
قوله جلّ ذكره: {وَالمَلاَئِكَةِ}.
لم يؤيِّد شهادته بوحدانيته بشهادة الملائكة بل أسعدهم وأيَّدُهم، حين وفَّقَهم بشهادة وسدَّدهم، وإلى معرفة وحدانيته أرشدهم.
قوله جلّ ذكره: {وَأُولُوا العِلْمِ}.
وهم أولياء بني آدم إذ علموا قدرته، وعرفوا نعت عزته فأكرمهم حيث قرن شهادته بشهادتهم، فشهدوا عن شهود وتعيين، لا عن ظن وتخمين، إن لم يدركوه- اليوم- ضرورة وحِسًّا، لم يعتقدوه ظنًّا وحَدْسًا؛ تعرَّف إليهم فعرفوه، وأشهدهم فلذلك شهدوا، ولو لم يقُلْ لهم أنه مَنْ هو لَمَا عرفوا مَنْ هو.
ولكنَّ العلماء يشهدون بصحو عقولهم، والمُوَحِّدُون يشهدون بعد خمودهم؛ فهم كما قيل:
مُسْتَهْلَكُون بقهر الحق قد هَمَدُوا ** واستُنْطِقُوا بعد افتنائهمُ بتوحيد

فالمُجْرِي عليهم ما يبدو منهم- سواهم، والقائمُ عنهم بما هم عليه وبه- غيرُهم، ولقد كانوا لكنهم بانوا، قال قائلهم:
كتابي إليكم بعد موتي بليلة ** ولم أدرِ أنِّي بعد موتي أكتب

وأولو العلم علىمراتب: فَمِنْ عالِم نَعْتُه وفاق ورهبانية، ومن عالم وصفه فناء وربانية، وعالم يعرف أحكام حلاله وحرامه، وعالم يعلم أخباره وسننه وآثاره، وعالم يعلم كتابه ويعرف تفسيره وتأويله، ومحكمه وتنزيله، وعالم يعلم صفاته ونعوته ويستقوي حججه وتوحيده بحديث يخرجه (....)، وعالم لاطفه حتى أحضره ثم كاشفه فقهره، فالاسم باقٍ، والعين محو، والحكم طارق والعبد محق، قال قائلهم:
بنو حق غدوا بالحق صِرفًا ** فنعت الخلْق فيهمو مستورُ

وليست الإشارة من هذا إلا إلى فنائهم عن إحساسهم، وعند عِلْمِهم بأنفسهم، فأما أعمالهم أعيانهم فمخلوقة، وما يفهم بذواتهم من أحوالهم فمسبوقة، وذات الحق لا توصف بقبول حدثان، وصفات ذاته لا تقبل اتصالًا بالغير ولا انفصالًا عن الذات، تقدَّس الحق عن كل ضدِّ وندِّ، ووصل وفصل، وجمع وفرق، وعين وخلق، وملك وفلك، ورسم وأثر، وعبد وبشر، وشمس وقمر، وشخص وغَبَر. اهـ.

.من فوائد أبي السعود:

قال رحمه الله:
{شَهِدَ الله أَنَّهُ} بفتح الهمزة أي بأنه أو على أنه {لا إله إلا هو} أي بيّنَ وحدانيتَه بنصب الدلائل التكوينية في الآفاق والأنفس وإنزالِ الآيات التشريعية الناطقة بذلك. عبر عنه بالشهادة على طريقة الاستعارة إيذانًا بقوته في إثبات المطلوبِ وإشعارًا بإنكار المنكر، وقرئ أنه بكسر الهمزة إما بإجراء.
{شَهِدَ} مُجرى قال، وإما بجعل الجملة اعتراضًا وإيقاعِ الفعل على قوله تعالى: {أن الدين} الخ على قراءة أن بفتح الهمزة كما سيأتي وقرئ شهداءٌ لله بالنصب على أنه حال من المذكورين أو على المدح وبالرفع على أنه خبر مبتدإٍ محذوف ومآله الرفع على المدح أي هم شهداء لله وهو إما جمع شهيد كظرفاء في جمع ظريف أو جمع شاهد كشعراء في جمع شاعر.
{والملئكة} عطف على الاسم الجليل بحمل الشهادة على معنىً مجازيّ شامل للإقرار والإيمان بطريق عموم المجاز أي أقروا بذلك {وَأُوْلُو العلم} أي آمنوا به واحتجوا عليه بما ذكر من الأدلة التكوينية والتشريعية، قيل: المرادُ بهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وقيل: المهاجرون والأنصار وقيل: علماء مؤمني أهلِ الكتاب كعبد الله بن سلام وأضرابِه وقيل: جميعُ علماء المؤمنين الذين عرفوا وحدانيته تعالى بالدلائل القاطعة، وارتفاعُهما على القراءتين الأخيرتين قيل: بالعطف على الضمير في شهداء لوقوع الفصل بينهما وأنت خبير بأن ذلك على قراءة النصبِ على الحالية يؤدي إلى تقييد حالِ المذكورين بشهادة الملائكة وأولي العلم، وليس فيه كثيرُ فائدةٍ فالوجه حينئذٍ كونُ ارتفاعِهما بالابتداء والخبرُ محذوفٌ لدلالة الكلام عليه أي والملائكة وأولو العلم شهداء ولك أن تحمل القراءتين على المدح نصبًا ورفعًا فحينئذ يحسُن العطفُ على المستتر على كل حال وقوله تعالى: {قَائِمًا بالقسط} أي مقيمًا للعدل في جميع أمورِه بيان لكماله تعالى في أفعاله إثرَ بيانِ كماله في ذاته وانتصابُه على الحالية من {الله} كما في قوله تعالى: {وَهُوَ الحق مُصَدّقًا} وإنما جاز إفرادُه مع عدم جواز جاء زيد وعمرو راكبًا لعدم اللَّبس كقوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إسحاق وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} ولعل تأخيرَه عن المعطوفين للدَلالة على علو رتبتهما وقُرب منزلتهما والمسارعةِ إلى إقامة شهودِ التوحيد اعتناءً بشأنه ورفعًا لمحله، والسرُّ في تقديمه على المعطوفين مع ما فيه من الإيذان بأصالته تعالى في الشهادة به كما مر في قوله تعالى: {الرسول بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبّهِ والمؤمنون} أو مِنْ {هُوَ} وهو الأوجه، والعامل فيها معنى الجملة أي تفرّد، أو أُحِقّه لأنها حال مؤكدة أو على المدح وقبل على أنه صفة للمنفي أي لا إله قائمًا الخ والفصل بينهما من قبيل توسعاتهم وهو مندرج في المشهود به إذا جعل صفة أو حالًا من الضمير أو نصبًا على المدح منه وقرئ القائمُ بالقسط على البدلية من {هُوَ} فيلزم الفصلُ بينهما كما في الصفة أو على أنه خبر لمبتدإ محذوف وقرئ قيّمًا بالقسط.
{لا إله إلا هو} تكريرٌ للتأكيد ومزيدِ الاعتناء بمعرفة أدلةِ التوحيد والحُكم به بعد إقامة الحجةِ وليجرِيَ عليه قوله تعالى: {العزيز الحكيم} فيُعلمَ أنه المنعوتُ بهما، ووجهُ الترتيب إذن تقدمُ العلمِ بقدرته على العلم بحكمته تعالى ورفعُهما على البدلية من الضمير أو الوصفية لفاعل شهد، أو الخبرية لمبتدأ مُضمَر. اهـ.

.موعظة:

.قال ابن الجوزي:

.المجلس الأول في فضائل العلم والعمل:

الحمد لله الذي بيده الإيجاد والإنشاء والإماتة والإحياء والإعادة والإبداء والإنعام والآلاء والرخص والغلاء والحظ والعلاء والعافية والبلاء والداء والدواء خلق آدم وخلقت لأجله الأشياء فمن جراه كانت الأرض والسماء والظلمات والأضواء والصباح والمساء والريح والماء وعلمه العلم فانجلت عنه الظلماء وعرفه خط الخط فجاء الهجاء الألف والباء والتاء والثاء والجيم والحاء والخاء والدال والذال والراء والزاي والسين والشين والصاد والضاد والطاء والظاء والعين والغين والفاء والقاف والكاف واللام والميم والنون والهاء والواو ولام الألف والياء وبث من نسله الرجال والنساء فمنهم العالم الذاكر ومنهم الجاهل النساء وأكثرهم الغافلون وأقلهم الألباء وليست زرقاء اليمامة كالأعشى ولا النهار كالليل إذا يغشى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} أحمده له بتوفيقي لحمده الآلاء وأقر بأنه مالك الملك يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء وأصلي على رسوله محمد أشرف راكب حوته البيداء وعلى صاحبه أبي بكر الصديق مصاحبه إن وقعت الشدة أو الرخاء وعلى عمر الفاروق الذي دوخ الكفر فذلت له الأعداء وعلى عثمان الصابر وقد اشتد به البلاء وعلى علي الذي حصل له دون الكل الإخاء وعلى عمه العباس الذي سألت الصحابة به الغيث فسالت السماء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء يهتدى بها في ظلمات البر والبحر فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة وهذا المثل من أوقع المثال لأن طرق التوحيد والعلم بالآخرة لا يدرك بالحس وإنما يعرف بالدليل والعلماء هم الأدلاء فإذا فقدوا ضل السالك وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله عز وجل لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ العباد رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا أخبرنا ابن الحصين بسنده عن صفوان بن عسال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضي بما يطلب وذكر أبو سليمان الخطابي في معنى وضعها أجنحتها ثلاثة أقوال أحدها بسط الاجنحة والثاني أن المراد به التواضع لطالب العلم والثالث النزول عند مجالس العلم وترك الطيران لقوله صلى الله عليه وسلم ما من قوم يذكرون الله تعالى إلا حفت بهم الملائكة وفي الصحيحين من حديث سهل بن سعد رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي عليه السلام والله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم.
وروى أبو الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من سلك طريقًا يطلب فيه علمًا سلك الله به طريقًا من طرق الجنة وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في الماء وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء فإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية وطلبه عبادة ومدارسته تسبيح والبحث عنه جهاد وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة وبذله لأهله قربة وهو الأنس في الوحدة والصاحب في الخلوة وقال كعب أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام أن تعلم يا موسى الخير وعلمه للناس فإني منور لمعلم الخير ومتعلمه في قبورهم حتى لا يستوحشوا في مكانهم وقال عيسى عليه السلام من تعلم وعلم وعمل فذلك يدعى عظيما في ملكوت السماء وقال ابن عباس رضي الله عنهما خير سليمان بن داود عليه السلام بين العلم والمال والملك فاختار العلم فأعطي المال والملك معه وقال بعض الحكماء ليت شعري أي شيء أدرك من فاته العلم وأي شيء فات من أدرك العلم ولا يخفى فضل العلم ببديهة العقل لأنه الوسيلة إلى معرفة الخالق وسبب الخلود في النعيم الدائم ولا يعرف التقرب إلى المعبود إلا به فهو سبب لمصالح الدارين قال الحسن لولا العلماء لصار الناس مثل البهائم وقال المعافى بن عمران كتابة حديث واحد أحب إلي من قيام ليلة.
وكيف لا يقول هذا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم يوزن مداد العلماء مع دم الشهداء فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء ومن آداب العالم أن يترك فضول الدنيا ليتبعه الناس فإن الاستدلال بالفعل أقوى من الاستدلال بالقول فإن الطبيب إذا أمر الحمية ثم خلط لم يلتفت إلى قوله أخبرنا علي بن عبد الله بسنده عن أبي همام الكلاعي عن الحسن أنه مر ببعض القراء على بعض أبواب السلاطين فقال أقرحتم جباهكم وفرطحتم نعالكم وجئتم بالعلم تحملونه على رقابكم إلى أبوابهم فزهدوا فيكم أما إنكم لو جلستم في بيوتكم حتى يكونوا هم الذين يرسلون إليكم لكان أعظم لكم في أعينهم تفرقوا فرق الله بين أعضائكم وقال الحسن إن الزبانية إلى فسقة حملة القرآن أسرع منهم إلى عبدة الأوثان فيقولون ربنا ما بالنا يتقدمون إلينا فيقول الله تعالى ليس من يعلم كمن لا يعلم أخبرنا يحيى بن علي بسنده عن الربيع بن سليمان قال سمعت الشافعي يقول من قرأ القرآن عظمت قيمته ومن تفقه نبل قدره ومن كتب الحديث قويت حجته ومن تعلم اللغة رق طبعه ومن تعلم الحساب جزل رأيه ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه سمعت إسماعيل بن أحمد يقول سمعت عبد الله بن عطاء يقول سمعت أبا نصر الحواري يقول سمعت أبا حاتم الرازي يقول بسنده عن يونس بن عبد الأعلى يقول سمعت الشافعي يقول كتب حكيم إلى حكيم يا أخي قد أوتيت علما فلا تدنس علمك بظلمة الذنوب فتبقى في الظلمة يوم يسعى أهل العلم بنور علمهم.
والمأخوذ على العلم أن يطلب العلم للعمل به ففي الحديث من طلب العلم ليباهي به العلماء أو يماري به السفهاء أو ليصرف وجوه الناس إليه لم يرح رائحة الجنة وفي أفراد مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أنه قال إن أول الناس يقضي فيه يوم القيامة ثلاثة فذكر منهم وجلا تعلم العلم وعلمهه وقرأ القرآن فيقال له ما عملت فيقول تعلت فيك العلم وعلمته وقرأت القرآن فيقال كذبت ولكنك تعلمت ليقال هو عالم فقد قيل وقرأت القرآن ليقال هو قارئ وقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار أخبرنا أبو منصور وعبد الرحمن بن محمد بسندهما عن أبي جعفر عبد الله بن إسماعيل ابن توبة يقول رأيت أبا بكر الأدمي القارئ في النوم بعد موته يمد يده فقلت له تلك الليالي والمواقف والقرآن فقاليلي ما كان شيء أضر على منها لأنها كانت للدنيا فقلت له فإلى اي شيء انتهى أمرك قال قال لي تعالى آليت على نفسي أن لا أعذب أبناء الثمانين.

.الكلام على البسملة:

تبنى وتجمع والآثار تندرس ** ونأمل اللبث والأرواح تختلس

ذا اللب فكر فما في الخلد من طبع ** لابد ما بنتهى أمر وينعكس

أين الملوك وابناء الملوك ومن ** كانوا إذا الناس قاموا هيبة جلسوا

ومن سيوفهم في كل معركة ** تخشى ودونهم الحجاب والحرس

أضحوا بمهلكة في وسط معركة ** صرعي وماشي الورى من فوقهم يطس

وعمهم حدث وضمهم جدث ** باتوا وهم جثث في الرمس قد حبسوا

كأنهم قط ما كانوا وما خلقوا ** ومات ذكرهم بين الورى ونسوا

والله لو أبصرت عيناك ما صنعت ** يد البلى بهم والدود يفترس

لعاينت منظرا تشجى النفوس به ** وأبصرت نكرا من دونه النكس

من أوجه ناظرات حار ناظرها ** في رونق الحسن كيف تنطمس

وأعظم باليات ما بها رمق ** وليس تبقى وهذا وهي تنتهس

وألسن ناطقات زانها أدب ** ما شأنها شانها بالآفة الخرس

نكسهم ألسن للدهر فاغرة ** فاها فآها لهم إذ بالردى وكسوا

عروا عن الوشي لما ألبسوا حللا ** من الرغام على أجسادهم وكسوا

وصار لبس الصفايا من خلائلهم ** جون الثياب وقدما زانه الورس

حتام يا ذا النهى لا ترعوى سفها ** ودمع عينيك لا يهمي وينبجس